رغم الاحتلال وسياساته القهرية العنصرية ورغم المنظومة التعليمية والاجتماعية القاتلة للحلم والتحليق في سماء المعرفة فإن بنات فلسطين وتحديدا غزة يحفرون الصخر من أجل التميز معلنان أنهن أقوي وأقدر علي البناء والعلم والإبداع ويثبتن مجددا أنه علي هذه الأرض ما يستحق الحياة إلاهن حيث تمكنت الطالبة أماني أبوالقمصان من اختراع مسكن طبي بلا أعراض جانبية علي خلاف كل أنواع المسكنات التي تؤثر بشكل رئيسي علي القلب والدماغ ولتحصل علي براءة الاختراع وتتوج علي عرش العلماء كاحسن بحث كيميائي من بين 15 بحثا علي مستوي العالم.
وأماني أبوالقمصان من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة وتبلغ من العمر 22 عاماً وهي طالبة في السنة الثالثة بكلية الصيدلة بجامعة الأزهر بغزة.
كانت تحلم بدراسة الطب غير أن الأقدار ساقتها لدراسة الصيدلة وتقول "خلال دراستي قرأت معلومة مفادها أن هناك أطفالا يولدون بلا إحساس لكنهم يشعرون بالبرودة والحرارة لكنني لم أمر عليها مرور الكرام ما أوحي لي بفكرة عمل مسكن للألم يقوم علي نفس النظرية من خلال الجينات المسئولة عن هذا الخلل الوراثي.
ظهرت ميول أبوالقمصان للصيدلة في الصف العاشر واكتشفها مدرس العلوم الذي كان يطلب منها ابحاثا في موضوعات علمية صعبة أبدت فيها تمييزا جعله يخصها بالكتب العلمية كما أن وزارة التربية والتعليم كانت قد أعلنت عن مسابقة في أولمبياد الفيزياء فترشحت عن محافظة غزة ضمن مسابقة أولمبياد الفيزياء نظمتها مؤسسة دولية هي سينس كمينكيشن وحصلت علي الدرجة الأولي بتقدير 99.5%. علي مستوي العالم.
وتقول اماني "لم تصدق مؤسسة سينس كمينكيشن الراعية للمسابقة التقدير الذي حصلت عليه مما دفعها لإرسال البروفيسور نوربرت هيرزوج إلي غزة وأجري لي اختبار I.Q اختبار حساب درجة الذكاء وحصلت علي درجة عالية وبناء علي ذلك أصبحت في عام 2009 عضوا في سينس كمينكيشن التي طالما حلم بها علماء كثر علي مستوي العالم وأصبحت أبعث لهم الكثير من الدراسات التي تم نشرها باسمي في مجلاتهم العلمية وفي المستوي الأول بالجامعة نشرت دراسة بعنوان البروتينات المستهدفة من قبل الأدوية.
وتفسر فكرة اختراعها بانه يقوم علي فكرة أن الأطفال ممن لا يشعرون بالألم لديهم طفرة في جين معين ويتم تسكين موضع الألم بدون تأثير علي أي أعضاء أخري ككل المسكنات الموجودة التي تغلق كل قنوات الصوديوم الموجودة في الجسم مما يؤثر علي القلب والدماغ بشكل أساسي.
وتقول: "أعلنت مؤسسة سينس كمينكيشن عن مسابقة أحسن بحث طبي في العالم فتقدمت للمسابقة بفكرة اختراع دواء طبي مسكن للألم بدون أعراض جانبية يعمل فقط علي أماكن الألم وكنت من بين 500 طالب علي مستوي العالم ممن تقدموا للمسابقة تم تصفيتهم إلي 55 طالبا ثم إلي 15 طالبا ثم طلب مني أن أبدأ بالتنفيذ وقد استمر العمل نحو ستة أشهر منها شهران في جمع المعلومات الأولية.
وكان المشاركون من جميع دول العالم ومن بينهم طالب إسرائيلي وتقول "كان عدوي اللدود همي الأكبر أن أفوز عليه وقد وصل إلي تصنيفات الباحثين الـ55 وكان لابد من اختيار طالب واحد من كل منطقة حيث أنهم يصنفون غزة وإسرائيل ضمن منطقة جغرافية واحدة وعندما زاروا إسرائيل وغزة واطلعوا علي بحثينا لم ينجح بالوصول ليكون ضمن الباحثين الـ15 الذين فازوا في الاختبارات النهائية وذلك أشعرني بالسعادة" واوضحت انها اختبرت العقار عن طريق برامج كمبيوتر خاصة تحاكي جسم الإنسان قامت ببرمجتها بنفسها وأعطت نتائج مذهلة أدت إلي تركيب العقاروأجرت عليه تعديلات بحيث يكون رخيص الثمن ولأنه لا تتوفرإمكانيات اختباره علي الحيوانات والإنسان فقد أرسلته إلي مؤسسة سينس كمينكيشن التي قامت بدورها باختباره في مختبراتها وبعد أن ثبت نجاحه توجه وفد من ست بروفسورات إلي غزة من المؤسسة حيث عرضت عليهم كل الخطوات التي قامت بها خلال مراحل البحث وقد تم في شهر مارس الإعلان عن الدواء وحصلت علي براءة اختراع.
وتلفت أبوالقمصان إلي أن المؤسسة أثبتت فاعلية الدواء علي الحيوانات كما أن برامج الكمبيوتر مصممة لتحاكي جسم الإنسان لكن من الناحية العملية هناك بعض الاختلاف.
وقد تلقت عروضا من أكثر من شركة أدوية لكنها لم تقرر بيعه بعد وتقول "أريد أن يعلم الجميع أن فتاة من غزة في ظل الحصار وفي الإمكانيات المادية والعملية المضمحلة اكتشفت هذا المصل خدمة لأبناء شعبها بالدرجة الأولي فقد كنت سعيدة جدا عندما كان الطلاب والبروفسورات يسألونني عن غزة لأنهم لا يعرفون سوي إسرائيل وأين هي كنت أوضح لهم دوما ما هي فلسطين وعلاقتها بإسرائيل وكنت دوما ولازلت فخورة بأني فلسطينية أحمل قضية بلادي"
وعن أكثر العقبات التي واجهتها خلال مراحل اكتشاف العقارقالت إن أكثر العقبات كانت الحصول علي المعلومات لأن معظم المواقع الالكترونية والمكتبات العلمية تحتاج اسم مستخدم وكلمة مرور حتي تدخلها وهذا غير متاح سوي للبروفسورات ولم يكن هذا متوفرا لديها لذلك كانت تسعي لتوفير مصادر أخري من مكتبة الجامعة أو تسأل بروفسورات من سينس كمينكيشن وترسل لهم الأمور التي توقفت عندها وهم يساعدونها.
أما علي الصعيد الاجتماعي فتقول "عندما كنت أتبادل الأفكار مع الكبار من دكاترة أو أهل خبرة كانوا يرون أن هذه الأفكار كبيرة قائلين: اتركي هذه الخرافات لغيرك وركزي علي دراستك وهذا ما دفعني للبحث سرا في بداية مشروعي هربا من تهكمات البعض والفضل لحصولي علي براءة الاختراع يرجع لأسرتي لان الجو الأسري كان مشجعا جدا حيث حاز أخي علي براءة اختراع روبوت وأمي وأبي يحثوننا منذ الصغر علي الدراسة والعلم والتنافس فيما بيننا أنا وإخوتي ومن سيحصل علي لقب الأول علي المدرسة والأول علي المحافظة كما لا أنسي مساعدة الدكتور محمد شبير في الجامعة ولا أنسي فضله علي حتي الأن حيث كان معي في البحث خطوة بخطوة"
وتشعر أبوالقمصان بسعادة غامرة وهي تتحدث عن مشاركتها بالمؤتمر الدولي للعلوم المقام بالولايات المتحدة والذي عقد مع بداية هذا الاسبوع وينتهي في الثامن من مايو وتقول "راسلني العالم المعروف د. أحمد زويل ليعلمني بأنه سيقدمني في المؤتمر الدولي للعلوم وشعرت بفخر كبير وكلي أمل أن يتم تبني اختراعي وطرحة في الاراضي المحتلة ليستفيد منه ابناء وطني اولا".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق