الجمعة، 4 أبريل 2014

عالم مصرى شهير دكتور "ايمن عمر"وهو صديق للمجله ونتمنى عودته لارض الوطن



أكيد سمعنا عن عمر الشريف ومحمد زيدان ومحمد الفايد وغيرهم كثيرين من المصريين
الذين عاشوا سنوات طويلة بالخارج وحققوا نجاحاً في الفن والرياضة والبيزنس، لكن. لماذا توقفت معرفتنا للعلماء المصريين الناجحين بالخارج علي 4 أو 5 اسماء فقط رغم أن أعدادهم بالآلاف؟! فالحقيقة أن مصر لديها مثل أحمد زويل ومجدي يعقوب وفاروق الباز سفراء للعلم في كل مكان. ومن هؤلاء شاب عمره 40 عاماً لكنه واحد من أشهر أطباء العالم ، فهو ليس- فقط - جراحاً ماهراً ولم يكتف بعمله كأستاذ في واحدة من أعرق الجامعات الأمريكية. بل نجح في اكتشاف خلايا في المخ كانت وظيفتها مثار حيرة لكل الأطباء علي مدي سنوات طويلة، بل واكتشف أدوية فعالة لعلاج الأورام المختلفة، وله مركز بحثي باسمه تم إنشاؤه بطلب من الحكومة الأمريكية، حكاية الدكتور أيمن عمر تستحق أن نتوقف عندها في السطور القادمة.

في البداية يقول د. أيمن عمر: ولدت بالقاهرة. وبعدها بعامين فقط، صدر قرار بندب والدي إلي الصين حيث كان يعمل بالسلك الدبلوماسي، وبعدما أمضينا 3 سنوات هناك عدنا إلي مصر لكنني سافرت مرة ثانية مع والدي ووالدتي التي كانت تعمل هي أيضاً بالخارجية، وقضيت طفولتي في إيران ويوجوسلافيا والسويد، وبعد حصولي علي الثانوية العامة من ستوكهولم عدت للقاهرة والتحقت بكلية طب قصر العيني وتخرجت فيها عام 1992ثم أمضيت عاماً في مستشفيات جامعة القاهرة كطبيب امتياز، وبعد ذلك قررت السفر إلي كندا لمواصلة الدراسة والأبحاث، وكان هذا القرار بداية لمشوار طويل امتد لـ18 عاماً حتي الآن، وبدأت بالالتحاق بجامعة تقوم بتدريس دبلومة في هندسة أجهزة الميكروسكوب الإلكتروني، وقد تعلمت فيها طريقة فحص الأنسجة البيولوجية بالمجهر الإلكتروني ، ثم التحقت بجامعة أوتاوا لتحضير رسالة الماجستير في علوم المخ والأعصاب علي مستوي الخلايا الجزئية، وقد وفقني الله لاكتشاف خلية في المخ لم يتم توصيفها من قبل في تاريخ العلوم الطبية، وقد تم نشر هذا الكشف العلمي باسمي في إحدي المجلات العلمية الشهيرة التابعة لجامعة أوكسفورد العريقة ، وعندما تقدمت بهذا البحث لنيل درجة الماجستير رفضت اللجنة استخدام هذا الاكتشاف العلمي للحصول علي الماجستير وأوصت بتحويله إلي درجة الدكتوراة.

ويكمل د. أيمن قائلاً: قمت بعد ذلك بإجراء عدة أبحاث تتعلق بالخلايا الأولية Stem Cells، وهي خلايا توجد بمخ الإنسان ولكن في حالة غير نشطة، ويمكن لهذه الخلايا أن تتحول إلي خلايا عصبية في ظروف محددة لمحاولة إصلاح الدوائر الكهربائية في المخ في حالة تعرضها للتلف مثلما يحدث - مثلاً - بعد إصابات الرأس أو جلطات المخ، وقمت وقتها باكتشاف كيفية عمل هذه الخلايا وتوجيهها لبناء الدوائر التالفة في المخ، وبعد نشر هذه الأبحاث تقدمت لمسابقة الدولة الكندية، وهي مسابقة للحصول علي جائزة المعاهد القومية للأبحاث الطبية الكندية ويتقدم لها مئات العلماء من كندا وأمريكا، والحمد لله حصلت علي الجائزة في عام 2000رغم أن عمري وقتها كان أقل من 30عاماً. ولتبسيط قيمة الاكتشاف لابد من الإشارة إلي حقيقة يعرفها كل طبيب وهي أن الخلايا الأولية كانت محل جدل في العالم لسنوات طويلة لعدة أسباب، فعندما يتكون الجنين وقبل أن تتشكل الأعضاء بما فيها المخ والأعصاب تقوم هذه الخلايا بالتكاثر ثم تتحول إلي الأعضاء المختلفة مثل الكبد والرئتين والكليتين والمخ حسب شفرة وراثية محددة، وبالتالي هذه الخلايا قادرة علي التحول من حالتها الأولية إلي خلايا متخصصة مثل خلايا المخ أو خلايا الكبد وغيرها، وإذا قمنا بفصل هذه الخلايا وإعادة حقنها في أجزاء تالفة بالمخ علي سبيل المثال، فإن هذه الخلايا تستطيع أن تعيد بناء هذه الأجزاء المريضة تماماً مثلما يحدث عندما يتطور الجنين في البداية، المشكلة أنه بمجرد الولادة هذه الخلايا تختفي لأنها أتمت وظيفتها في بناء أعضاء الجسم بما فيها المخ ولكن يتبقي عدد بسيط منها بالمخ في حالة غير نشطة، في الماضي كانت الطريقة الوحيدة للكشف عن هذه الخلايا هي تشريح مخ الإنسان أو الحيوانات بعد الوفاة، ولذلك كان هدفي من الأبحاث التي قمت بها في جامعة أوتاوا هو ابتكار طريقة جديدة لتصوير هذه الخلايا أثناء الحياة وليس بعد الوفاة لمعرفة ما يجري بها من تغيرات بطريقة ديناميكية، وتمثلت هذه الطريقة في اجراء جراحة في مخ حيوانات التجارب قمت فيها بحقن مجسات جزئية مشعة في بعض أجزاء المخ التي تحتوي علي هذه الخلايا، وظيفة هذه المجسات الجزئية هي التعرف علي هذه الخلايا وجعلها مشعة حتي يمكننا الكشف عنها، أدت هذه الطريقة إلي أنني اكتشفت أنه بعد إصابة الرأس بصدمة أو بجلطة تقوم هذه الخلايا بالتكاثر والتحرك في اتجاه التلف لمحاولة إصلاحه، أيضاً قمت باكتشاف خلية جديدة بالمخ تساعد في بناء ما يمكن تشبيهه بخرسانة، دورها هو وضع هيكل يساعد علي انتقال وتحرك هذه الخلايا الأولية إلي أماكن التلف.

ويكمل د. أيمن مشواره العلمي قائلاً: انتقلت من كندا إلي الولايات المتحدة لكي أتلقي تدريباً متخصصاً في مجال المخ والأعصاب في جامعة ميسوري - كولومبيا، وبعد 4 أعوام حصلت علي زمالة جامعة تورنتو في تخصص أورام المخ والعمود الفقري والأعصاب، وجامعة تورنتو هي واحدة من أكبر جامعات العالم في هذا المجال الجديد، وقد أمضيت بهذه الجامعة عامين تخصصت خلالها في أحدث طرق علاج أورام المخ والعمود الفقري والأعصاب عن طريق الإشعاع والجراحات الدقيقة، وبالتحديد طرق العلاج التي تعتمد علي استخدام جزيئات معينة تؤدي لمنع الورم من النمو، وساعدني ذلك في دراسة الدكتوراة التي أتممتها من قبل في علوم المخ والأعصاب الجزيئية، 

وعندما أكملت دراسات زمالة جامعة ميسوري كنت ضمن 300 طبيب فقط علي مستوي العالم وصلوا لهذا المستوي في تخصص علاج الأورام، ولذلك حصلت علي عرض من جامعة شيكاغو للعمل بها كأستاذ مساعد في كلية الطب ، وبعد انتقالي لمدينة شيكاغو قمت بعمل عدة أبحاث عالمية شارك فيها معي أطباء من 50 دولة، ونجحت في اكتشاف علاج جديد لأحد أورام المخ يعرف باسم global stoma وهو يتكون من مجموعة هائلة من الشعيرات الدموية، وهذا المرض يصيب النخاع الشوكي أو أي جزء من المخ وغالباً كانت محاولات استئصاله تؤدي إلي النزيف والوفاة، ومن هنا كانت فكرتي في أن أبحث عن تركيبة دوائية تقوم بمنع تكاثر تلك الأوعية الدموية، وقمت بتجربتها علي شخص أصيب بالشلل بسبب هذا الورم وكانت حياته معرضة للخطر. والحمد لله خلال 6 أشهر اختفي الورم وأصبح هذا الشخص قادراً علي المشي وعاد لحياته الطبيعية، ولاقي هذا الاكتشاف اهتمام مئات الآلاف من الأطباء والعلماء في كل أنحاء العالم، ورغم أن عمري وقتها كان لا يتعدي 35 عاماً فإنني قمت ببناء مركز متخصص لعلاج الأورام الثانوية بالمخ، وهي التي تنتشر من الجسم إلي المخ، مثل سرطان الرئة، وكان المركز الأول من نوعه في الولايات المتحدة، ولذلك بعدها تلقيت عرضاً من الحكومة الأمريكية لبناء مركز لأورام المخ والأعصاب والعمود الفقري في ولاية إيلينوي، وحالياً أعمل مديراً لهذا المركز واستاذاً مساعدا بجامعة إيلينوي.

وعن إمكانية عودته لمصر خلال الفترة القادمة لكي يفيد وطنه بخبرته، يقول د. أيمن عمر: أحاول الآن التوصل لتركيبات دوائية أخري ولذلك يمكنني أن أفيد وطني حتي ولو كنت بعيداً، ولا يمكنني وصف الفخر الذي أشعر به من بعد ثورة 25يناير، وأنا مثل آلاف المصريين بالخارج الذين يريدون تقديم كل خبرتهم إلي وطنهم. ولذلك أنا مستعد للتعاون مع أي جهة أو مؤسسة بلا أي تردد أو مقابل من أجل المشاركة في أي مشروع علمي وطبي ، وبالمناسبة. التغيير سيستغرق وقتاً، ومصر لن تتحول لدولة متقدمة بين يوم وليلة، لكن لابد أن نبدأ من الآن حتي لا نتأخر أكثر من ذلك ، مثلاً مدينة الدكتور أحمد زويل العلمية ستكون مشروعاً رائعاً، لكن يجب ألا ننسي جهوده التي بذلها من قبل الثورة وتلقيه وعودا كثيرة بلا تنفيذ، لذلك لكي تصبح ثورتنا حقيقية لابد أن تتحول من ثورة الوعود إلي ثورة التنفيذ، كما أن مدينة علمية واحدة لا تكفي ويجب أن تتبع كل مؤسسات مصر المنهج العلمي وتقوم الدولة بتشجيع العلماء وتقديرهم ليس فقط بشهادات التقدير لكن بتحسين الأجواء التي يعملون بها. 

هناك 3 تعليقات: